حكاية لن تنتهي غداً
هل فشل ارسنال ام فشل ارسين فنغر ؟ هو سؤال تبقى الاجابة عليه مرتبطة الى حد بعيد بجزئي السؤال نفسه ؛ ففشل السيد فنغر يعني
فشل ارسنال والعكس صحيح ، ولكن السؤال الفعلي من الذي قاد الآخر الى منتهى الفشل؟ ، أو من الذى تدحرج من القمة الى القاع جاذبا معه الطرف الاخر؟.
البداية بأسماء كبيرة
اذا عدنا الى تاريخ فنغر المشرف جداً – حتى الان – مع ارسنال نجد الرجل قد حصل على لقب الدوري والكأس فى سنته الاولى التى وصل فيها
الى استاد هايبري ملعب الارسنال القديم ، وصل فنغر وهو يصطحب معه الثنائي امانويل بوتي وباتريك فييرا والهولندي مارك اوفر مارس ، وجميع
هذه الاسماء خبيرة فى عالم كرة القدم فى ذلك الوقت فييرا وبوتي كانا من ضمن كوكبة ايمي جاكية التى ستمضي الى مونديال 1998 واوفر
مارس كان الافضل فى هولندا ، وهذه الاسماء لم تكن وحدها فقد كان الموجود افضل من القادم ؛ فحارس ارسنال حينها كان ديفيد سيمان حارس
مرمى انجلترا ، وقائد ارسنال هو توني ادامز قائد انجلترا بمعية مارتين كوين قلب الدفاع الثاني لمنتخب انجلترا وعلى الاطراف ديسكون وونتربيرن
وفى الوسط شعلة النشاط بالور والعقل الرائع ديفيد بلات وفى الهجوم دينس بيركامب والن رايت .. هذه هى الاسماء التى وجدها فنغر فى ارسنال
وحصل معها على الثنائية الاولى ولايمكن القول بأي حال بان هذه الاسماء غير قادرة على احراز الثنائية .
استمر فنغر فى العمل بنهج واضح جدا هو تدعيم الفريق بمواهب – صاعدة – فى ظل وجود اسماء كبيرة لذا كان طبيعيا ان ينجح تيري هنري فى
ارسنال على الرغم من انه بقي 18 شهرا دون ان يحرز هدفاً ، ولكن الفريق ما كان بحاجة لاهدافه فى ذلك الوقت ، وحتما كانت طريقة منطقية ان
تطور المواهب فى ظل فريق قادر على القتال وهذا ما منح ارسنال لقب الدوري والكأس مرة أخرى ومن بعد ذلك الحصول على لقب الدوري بدون
خسارة بفريق كان اليافع به هو الايفواري كولو توريه فى ظل تألق لافت لهنري وبيريس الذى عوض رحيل اوفر مارس والكميروني لورين الذي
عوض ديكسون والبرازيلي سيلفا على الطرف الايسر فى ظل قيادة عالية من باتريك فييرا وجلبيرتو سيلفا فى قلب الوسط وليونبيرغ وولتورد على
الاطراف الهجومية وحتما تيري هنري فى المقدمة .
جميع هذه الاسماء تملك الخبرة العالية فى كرة القدم .. ويلتورد حصل مع بلاده على لقب الامم الاوربية وكذا بالطبع فييرا وهنري وان كان الاخران
حصلا ايضا على لقب العالم وبالور يملك الكثير من الخبرة ولينوبيرغ كان مفتاح انتصارات منتخب السويد الى جانب البرازيلي الرائع جدا ايدو.
كل هذه الاسماء لم تكن بدايتها فى مدرسة ارسنال وجاءت من مختلف المدارس الكروية ولكنها فى النهاية انسجمت وحققت النجاح وهذا ما
يحسب فى المقام الاول للسيد ارسين فنغر الذى كان حتى ذلك الوقت ينظر الى النتائج الرياضية فى المقام الاول قبل ان يطلق مشروعه الجديد –
اللاألقاب بأقل التكاليف – وهو المشروع الذى يعاني ارسنال بسببه حتى الان.
خطوات نحو الوضع الراهن
[]
كانت الخطوة الاولى نحو هذا المشروع هى التخلص من باتريك فييرا الخبير من اجل فتح الباب امام اليافع فابريغاس وابعاد لورين لصالح ابيوي
وسيلفا كان قد أُبعد قبل عام ليفتح الباب اما اشلي كول ، ثم توالى التخلص من الكبار مع فتح الباب امام الصغار فغادر سول كامبل وبيرس وبالور
وتواصل الامر برحيل تيري هنري و هليب وفلاميني وجلبيرتو سيلفا مع اصرار فنغر على عدم التعاقد مع اي لاعب كبير حتى أُجبر على التعاقد مع
ارشافين فى الانتقالات الشتوية قبل الماضية لانه كان الوسيلة الوحيدة لادراك دوري الاثرياء – دوري الابطال- وهو الشيء الوحيد الذى يسعى له
فنغر ، الذي لايمل من تكرار اننا الفريق الوحيد مع مانشيستر يونايتد الذى لم يفشل فى التأهل لدوري الابطال فى السنوات الثلاث عشرة
الاخيرة .. وربما بات هذا هو الهم الاول بفضل الاموال التى يضخها فى الوقت الذى لم يحصل الارسنال على هذا اللقب ، وتبدو مسيرته دائما نحو
الحصول عليه منتهية قبل ان تبدأ ، فقبل ان يصل ارسنال الى النهائي فى 2006 امام برشلونة لم يكتب له النجاح فى التأهل لدور الاربعة قبل ذلك
، وحتى عندما ادرك دور الاربعة مرة اخرى فى البطولة الماضية فشل على ملعبه امام مانشيستر وبدأ الجميع فى الحديث عن ان ارشافيين الذى
لايمكن ان يلعب اوربيا كان سيقود الفريق الى النهائي على الاقل فى ظل المستوى الذى قدمه منذ انضمامه لارسنال.. وتذكر الجميع حينها ان
السيد فنغر رفض التعاقد مع ارشافيين فى الصيف وقبل بالتعاقد معه فى الشتاء لان زينت خفض من قيمة الصفقة فقط ثلاثة ملايين فى الوقت
الذى كان سيدر وصول الارسنال للنهائي ـ دعك من حصوله على اللقب ـ مبلغ 4 ملايين اضافية على المبلغ الذى حصل عليه بالخروج من دور
الاربعة ، ولكن فنغر ما كان يفكر ويخطط او ربما ما كان يعتقد بان بمقدور فريقه التوغل فى دوري الابطال ، فالهدف المرسوم هو الوصول الى مرحلة
المجموعات فى كل موسم لما يدره هذا الوصول من اموال على النادي
تركيز فنغر على الوضعية المالية بات واضحا جدا فقيمة أسهم ارسنال تضاعفت فى البورصة بمقدار 700 % من اخر سعر للسهم منذ وصول فنغر
على الرغم من ان الفريق لا يحرز الالقاب ، ولكن هذه الربحية تأتي من الاسعار الزهيدة للشراء وفى المقابل الارقام التى بيع بها اللاعبون مثل ما
حدث فى صفقتي توريه وادبايور الى سيتي.
ودون أدنى شك فان ارسنال وحده من بين كبار انجلترا الذى لايعيش فى دوامة من الديون ويمتلك ميزانية اكثر من رائعة ؛ فهو الوحيد الذى يحقق
ارباحا فعلية ولاتصل منصرفاته الى نصف ايراداته ، ولكن الى متى سيستمر هذا الوضع؟ ، والى متى سيكون بمقدور ارسنال ان يربح وهو لا يحصد الالقاب؟.
حان الوقت ليقف فنغر مع نفسه ويعدل من سياسته مع الاعتراف بان هذه السياسة تخلق ارضية جيدة لوضع مالي مميز وكذلك لفريق يحتاج الى
بعض العناصر الخبيرة من اجل الحصول على الالقاب الا ان فنغر يصر فى النهاية على تفضيل – صناعة فريق بطولة – عن شراء فريق بطولة – او
حتى عناصر من فريق بطولة - فقد كان بمقدوره ان يتعاقد قبل موسمين مع الاسباني الونسو المغضوب عليه ذلك الوقت فى ليفربول ورفض ليس
لان المبلغ المالي المطلوب للصفقة أعلى من ميزانية ارسنال بل لانه لايريد القضاء على موهبة ابوديابي او سونغ كما قال ، كما انه رفض التعاقد
مع اي مهاجم فى فترة الانتقالات الشتوية الاخيرة على الرغم من ان مهاجمي الفريق الثلاثة فان بيرسي وداسيلفا وبنديتر يعانون من اصابات
تجبرهم على الغياب لفترات طويلة ، وارتكب خطأ تكتيكيا كبيرا بافقاد الروسى ارشافيين اهم مميزاته وهى الانطلاق من الخلف ووضعه وهو
القصير جدا فى كماشة قلبي دفاع الفريق الخصم ، كما انه لازال مصرا على وضع سمير نصري على اطراف الملعب فى الوقت الذى صنع فيه
سمير اسمه فى الدورى الفرنسى باللعب تحت المهاجمين .
استمر فنغر فى سياسة ( التقشف ) على الرغم من ان ميزانية الفريق تسمح بالتعاقد مع اي لاعب يحتاجه ؛ حيث تعاقد مع سول كامبل بمبلغ
اسبوعي زهيد وهو فى انتظار التعاقد مع الشماخ فى الصيف القادم بعد ان ينتهي عقده مع بوردو ، ولو كان الشماخ موجودا فى ارسنال فى هذه
الفترة لساعد على الاقل فى الاستفادة من ارشافيين فى خط الوسط ، ولكن حسابات فنغر المالية تطغى على حساباته الرياضية وهو الان فى
مفترق طرق حقيقي ويبدو ان خياره الوحيد هو الفوز بدوري الابطال والتمسك بالمركز الثالث فى الدوري الانجليزي سعيا خلف حوافز دوري
الابطال. ومن المنطقي القول بان فنغر سيركز اكثر على المركز الثالث فى الدوري بعد ان بات صاحب المركز الرابع يواجه اندية بلادان النخبة فى
الكرة الاوربية فى التصفيات التمهيدية ولا يتحمل السيد ارسين فنغر الغياب عن هذه البطولة وخسارة 26 مليون جنيه استرليني بمجرد التأهل
لدور المجموعات ، ولكن هل سيستمر ارسنال كبيرا ويبقى جمهوره منتظرا للالقاب لسنوات ربما تفوق ما انتظره جمهور ليفربول حتى الآن.
يبقى الامر صعبا للغاية ولكن مايسلكه فينغر هو طريق إتجاه واحد فقط وحتما سيصطدم برغبة لاعبيه فى احراز الالقاب او المغادرة من اجل
اللعب لاندية ترغب فى المقام الاول فى احراز الالقاب .
وتبقى كلمة قالها ارشافيين هى الملخص لكل شيء عندما قال قبل ثلاثة اسابيع بان السيد فنغر لن يتعاقد مع اي مهاجم على الرغم من حاجة
الفريق لذلك والاكثر بانه يعرف بانه ليست لدينا اية فرصة لاحراز الالقاب الا اذا دعم الفريق بلاعبين اصحاب خبرة فى الانتقالات الشتوية التى انتهت
، وطبيعى ان يكون ارشافيين وفابريغاس من الراغبين فى المغادرة كما فعل هليب بالرحيل الى برشلونة سعيا للألقاب ، وماثيو فلاميني الذى
فضل الانتقال الى الميلان بعد ان رفض فنغر ان يمنحه الراتب الذي اراد على الرغم أن الفارق بين ما اراده فلاميني وما عرضه فنغر هو مبلغ الف
جنيه استرلينى اى 52 الف فقط فى السنة ففضل ان يتخلى عن لاعب بات الاميز بين لاعبي المحور فى العالم بدلا عن ( خرق ) الهيكل الراتبي
للفريق ، وهو الاهم بالنسبة لفنغر الذى بسبب مبلغ لا يتجاوز نصف المليون جنيه استرليني رفض التعاقد مع دورغبا عندما كان لاعبا فى غانغان
وكرر الشيء نفسه مع بيتر تشيك عندما كان لاعبا فى رين الفرنسي ، بل انه رفض ان يدفع 11 مليون جنيه استرليني للحصول على خدمات
لامبارد وجوكول عندما عرضهما عليه وسيت هام فى صفقة مشتركة وذهب الثنائي الى تشيلسى الذى قبل عرض مدربه فى ذلك الوقت رانييري
بدفع مبلغ 16 مليون للحصول على الثنائي الراغب جدا فى الانتقال لارسنال ، وتبقى حسرة ارسنال ايضا على احد اميز لاعبي العالم الان فرانك
ربييري الذى قدم الى ارسنال وهو حر بعد تجربة قصيرة فى تركيا ، ولكن فنغر اختلف معه على الراتب الاسبوعي حتى لايخرق الهيكل الراتبي للفريق .